التطبيق العملي للدفوع المتعلقة بكل من: "حق الحبس، التماطل والامتناع التعسفي في الأداء، الإيداع لفائدة المدعي، تقادم الدعوى، الدعوى الناتجة عن الالتزام"
|
حكم عدد : ملف عدد: 2959/2006 حكم بتاريخ: 5/4/2007 المملكة
المغربية باسم
جلالة الملك |
|
|
|
بتاريخ 5/4/2007 أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار
البيضاء الحكم الآتي نصه: بين : علي العراقي الساكن بإسبانيا أوربنزسيون مونت بريسو ماربيا ينوب عنه الأستاذ خالد بلحيمر المحامي مدعي من جهة |
|
|
|
وبين: فيصل العراقي الساكن بفيلا ايطو زنقة كولف دوتادجورا الدار البيضاء ينوب عنه الأستاذ محمد شهبي المحامي مدعى عليه من جهة ثانية |
|
الوقائع
بناءاً على المقال الافتتاحي للدعوى المرفوع أمام هذه المحكمة من طرف المدعي بواسطة دفاعه والمؤدى عنه الرسوم القضائية بتاريخ 18/8/2006، والذي يعرض فيه أنه انتقل إليه عن طريق الإرث من والده المرحوم محمد العراقي رفقة باقي الورثة العقار موضوع الرسم العقاري عدد 34956/س المسمى "استوديو" الكائن بحي كريت الدار البيضاء، وأن المدعى عليه قام بتفويت ذلك العقار بمقتضى وكالة مسلمة له من طرف الورثة بثمن إجمالي قدره 6457500 درهم حسب عقد البيع المؤرخ في 12/6/1996، وأن المدعى عليه رفض أن يمكنه من نصيبه في منتوج البيع والبالغ 1130062.50 درهم رغم كل المساعي الودية ورغم إنذاره بواسطة عون قضائي بتاريخ 20/9/2004، والتمس الحكم على المدعى عليه بأدائه له نصيبه في منتوج بيع العقار موضوع الرسم العقاري عدد 34956/س المسمى "استوديو" الكائن بحي كريت الدار البيضاء والمحدد في مبلغ 1130062.50 درهم، وبأدائه له تعويضا عن التماطل والامتناع التعسفي في حدود مبلغ 50000 درهم، مع الفوائد القانونية وبشمول الحكم بالنفاذ المعجل، وتحميل المدعى عليه الصائر.
وبناءا
على المستندات المدلى بها من طرف المدعي وهي عبارة على صورة شمسية مصادق عليها لرسم
إراثة مضمن بعدد 9 صحيفة 1 وتاريخ 28/10/2004، صورة مصادق عليها لرسم وكالة عدلية
مؤرخ في 6/10/2004، صورة مصادق عليها لرسم شراء العقار من طرف مورث الطرفين مؤرخ
في 23/12/1947، وصورة مصادق عليها لعقد بيع العقار من طرف المدعى عليه مؤرخ في
12/6/1996، وبرسالة إنذار غير قضائي مع محضر التبليغ.
وبناء
على جواب المدعى عليه بواسطة دفاعه المقرون بمقال مضاد مؤدى عنه الرسوم القضائية
بتاريخ 23/11/2006، والذي عرض فيه أنه بدوره دائن للمدعي ويتقدم بطلب مضاد قصد
استخلاص الباقي من بعد إجراء عملية المقاصة، وأنه من خلال الاطلاع على المقال الافتتاحي
قد يبدو على أن الأمر يتعلق بالمطالبة باسترجاع مبلغ مالي في إطار نزاع عادي قائم
بين شخصين لا تربط بينهما أية علاقة خاصة، والحال أن ما أخفاه المدعي في مقاله هو
أن الأمر يتعلق بأخوين شقيقين تربط بينهما علاقات مالية متعددة تستوجب أن تؤخذ
بعين الاعتبار عند البت في طلبات الأطراف، وأن هذه العلاقات المالية ناتجة عن
مجموعة من المعاملات ناتجة عن تسيير وتدبير الأموال المشتركة بينهما، وأن العلاقة
التي تربط بين فردين من نفس العائلة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بأخوين شقيقين لا
يمكن أن تطبق عليها نفس القواعد التي تحكم العلاقة بين شخصين أجنبيين عن بعضهما
البعض. وأن هذا الطابع الخاص مستمد من القانون نفسه، وأنه بالفعل بالرجوع إلى
الفصل 910 من قانون الالتزامات والعقود نجده ينص على أنه يجب أن تفهم أحكام الفصل 908
السابق على نحو أكثر تسامحا إذا كان الوكيل ينوب عن زوجته أو أخته أو شخص آخر من عائلته.
وأنه بالرجوع إلى الفصل 908 الذي يشير إليه الفصل 910 نجده يتعلق بواجبات الوكيل
في تقديم الحساب عن أداء مهمته لموكله. وأنه في هذه النازلة فإن العارض الذي تصرف
بمقتضى الوكالة التي سلمت له من طرف المدعي من جهة وأخته ووالدته من جهة أخرى تقيد
بالتزاماته وأنجز ما كلف به بحسن نية. وأن الأمر الذي تجاهله المدعي هو المصروفات
التي تم إنفاقها في سبيل إنجاز البيع الذي تم باسم الورثة. وأن الأمر يتعلق ببيع
عقاري، وأن مثل هذا التصرف يستوجب أداء عدة مصاريف تتمثل على الخصوص في أتعاب
الموثق ومصاريف التسجيل والتحفيظ، بالإضافة إلى مختلف الضرائب على العقار بما فيها
ضريبة الأرباح العقارية. وأنه أمام مديونية المدعى لفائدة العارض فان هذا الأخير
لم يستعمل سوى حق الحبس المخول له قانونا كدائن من جهة وكوكيل من جهة ثانية وذلك
في انتظار إجراء محاسبة بين الطرفين نظرا لتعدد المعاملات المشتركة ولوجود أنشطة
مالية مشتركة أخرى بين الطرفين، وأن مقتضيات قانون الالتزامات والعقود وعلى الخصوص
الفصل 291 وما يليه يجيز للدائن ممارسة حق الحبس. وأنه من جهة أخرى فان الفصل 919
من قانون الالتزامات والعقود يعطي للوكيل الحق في ممارسة حق الحبس تجاه موكله إلى أن
يستقي مستحقاته وأن كل ذلك يؤكده ويثبته سكوت المدعى عن المطالبة بنصيبه من ثمن
البيع لمدة تزيد عن عشر سنوات، وأنه بالإضافة إلى ذلك فإنه تجدر الإشارة إلى
مقتضيات الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود والتي تنص على أنه لا يجوز لأحد أن
يباشر الدعوى الناتجة عن التزام إلا إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان
ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق أو القانون أو العرف، وأنه استنادا إلى مقتضيات
الفصل 234 المذكور فان المدعي ليس له الحق في إقامة الدعوى الحالية ما دام أنه لم
يثبت أنه أدى أو عرض أداء ما يدين به لفائدة العارض والذي سوف يتم إثباته في الطلب
المضاد. وأن العارض يود التأكيد على أنه بالنظر لعلاقة الأخوة التي تربطه بالمدعي
لم يكن يود إقامة أية دعوى في مواجهته غير أنه مضطر للدفاع عن مصالحه بإقامته
الدعوى الحالية، وأنه استجابة لطلب أخيه المدعي سلمه مبلغا ماليا قدره 6796375
درهم على أن يرجعه له فور تحسن وضعه المالي. وأن هذا التسليم تم بواسطة إيداع قام
به العارض في حساب المدعي البنكي المفتوح لدى مصرف المغرب. كما أن هذا الأداء تم
بواسطة شيك مسحوب على حساب العارض. وأن المدعي بالرغم من حيازته للمبلغ المذكور
منذ مدة لم يقم بإرجاعه لغاية اليوم ولو جزئيا رغم وعوده المتكررة، وأن العارض من
حقه المطالبة باسترجاع ما أداه للمدعي بالإضافة إلى الفوائد القانونية والتعويض عن
التماطل التعسفي. وأن دين العارض الثابت من خلال وثيقة الإيداع المشار إليها وأن دين
المدعي حسب مقاله هو 1.130.062.50 درهم دون احتساب الصوائر التي أداها العارض من
قبل مصاريف البيع. فيكون العارض لا زال دائنا للمدعي بمبلغ يزيد عن 5666313 درهم
بعد إجراء مقاصة. والتمس الحكم برفض الطلب الأصلي والحكم بأداء السيد علي العراقي
لفائدة العارض مبلغ 5666313 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الإيداع وذلك بعد إجراء
المقاصة بين الدينين حسبما هو مفصل أعلاه. والحكم بأدائه له تعويضا عن التماطل
التعسفي قدره 50.000 درهم، والحكم بشمول الحكم بالنفاذ المعجل نظرا لثبوت الدين
وتحديد مدة الإكراه البدني في الأقصى، وبإجراء محاسبة بين
الطرفين يعين للقيام بها خبير مختص في المحاسبات تكون مهمته الاطلاع على كافة الوثائق
المشار إليها في الطلب، وتحديد دين كل واحد تجاه الآخر، وتحميل المدعى عليه
الصائر. وأرفق المقال بأصل وصل بنكي بإيداع مبلغ مالي مؤرخ في 9/10/1990.
وبناء
على تعقيب المدعي بواسطة دفاعه المؤرخ في 7/12/2006، والذي أكد فيه أن المدعى عليه
يقر بالمديونية حينما يلتمس إجراء مقاصة بين الدين الثابت في مواجهته والدين
المزعوم من طرفه، كما أن المدعى عليه يقر بقيامه بحبس المبالغ المستحقة له للعارض
رغم عدم أحقيته في ذلك التصرف، وأن حق الحبس حدد له المشرع شروط محددة على سبيل
الحصر وهو الأمر غير المتوفر في النازلة، وأن وصل الإيداع المدلى به من طرف المدعى
عليه يعود تاريخه إلى 10/10/1990 أي ما يزيد عن 16 سنة، وأنه حتى على فرض صحة
ادعاء المدعى عليه في وجود مديونية فقد سقط الحق في المطالبة به وحتى في مناقشته
بسبب التقادم تطبيقا للفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود، والتمس لذلك الحكم
وفق الطلب الأصلي وبرفض الطلب المضاد.
وبناء
على مذكرة التعقيب المدلى بها من طرف المدعى عليه بواسطة دفاعه بتاريخ 15/2/2007
والتي أوضح فيه أن تمسك المدعى عليه في الطلب المضاد بخلو ذمته من الدين الذي
يطالب به العارض، دون أن ينازع في صحة الإيداع الذي تم لحسابه، ولا أن يدعي عدم
حصوله أو يدلى بما يفيد عدم وقوعه ثم أثار بعد ذلك الدفع بالتقادم اعتمادا على
مقتضيات الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود، وأنه تجدر الإشارة إلى أن الدفع
بالتقادم مبني على قرينة الوفاء، وبالرجوع إلى بداية مذكرة المدعى عليه يتضح على
أنه ينازع في مديونيته وهدم بذلك قرينة الوفاء المقررة لفائدته وأنه بذلك يتعين
استبعاد دفع المدعى عليه المتعلق بالتقادم. وأن الفصل 380 من قانون الالتزامات
والعقود ينص على الحالات التي لا يسري خلالها التقادم ومنها الحالة التي يكون فيها
الدائن في ظروف ووضعية تمنعه من المطالبة بحقوقه. وأن العارض وكما أوضح ذلك في
طلبه أخ شقيق للمدعى عليه وأن هذه العلاقة قامت مانعا أمام العارض من المطالبة
بحقه. وذلك ما أشار إليه الدكتور السنهوري في كتابه "الوسيط في شرح القانون
المدني" الصفحة 1081. وأنه يتضح عملا بمقتضيات الفصل 380 من قانون الالتزامات
والعقود من جهة وبما استقر عليه الفقه من جهة ثانية على أنه لا مجال لسريان
التقادم عندما يكون هناك مانع يتمثل في العلاقة القائمة ما بين الدائن والمدين. وأنه
من جهة أخرى كان العارض يواجه مانعا ماديا آخر حال بينه وبين المطالبة بدينه، ذلك
أن المدعى عليه غادر المغرب منذ مدة ولأسباب يجهلها العارض وأخفى عن العارض وعن
جميع عائلته عنوانه الذي ظل مجهولا لدى الجميع. وأن العارض لم يعلم بعنوان المدعى
عليه إلا سنة 2005 عندما وجه هذا الأخير رسالة إلى رئيس شركة "فينابار"
التي يملك فيها الطرفان أسهما. وأنه بالرجوع إلى هذه الرسالة يتضح في خاتمتها على أن
المدعى عليه يشير إلى عنوانه الجديد الذي كان العارض يجهله. وأنه يتضح على أن غياب
المدعى عليه وجهل العارض بعنوانه يشكلان مانعا ماديا حال دون مطالبة العارض بدينه،
وأن الفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أن التقادم لا يسري ضد
الغائبين وأن هذا المبدأ أكده الدكتور السنهوري في كتابه "الوسيط"، وأنه
من جهة ثانية فانه بتاريخ البيع الذي يطالب المدعي بنصيبه من منتوجه لم يكن قد مضى
على تاريخ الإيداع إلا حوالي 6 سنوات باعتبار أن الإيداع لحساب المدعي تم بتاريخ
9/10/1990 والبيع تم بتاريخ 12/6/1996 لما كان ذلك، وكانت الحسابات جارية بين
الطرفين في أكثر من ميدان بسبب تجمعهم في أموال مشتركة، فانه لا مجال للاحتجاج
بالتقادم، لا يوم احتفظ العارض بجزء من ثمن البيع قصد اقتطاع جزء من المبالغ
المترتبة لفائدته بذمة المدعي ولا يوم لجوئه في إطار الطلب المضاد لأداء الباقي، فإذا
كان الدين يوم اقتطاعه جزء منه أي يوم 12/6/1996 لم يكن قد طاله التقادم بعد فإنه
يترتب على ذلك وجوبا أن الطلب الأصلي لا مسوغ له ويتعين رفضه، ومن جهة ثالثة فان
عملية اقتطاع جزء من المبلغ المودع لحساب المدعي والقبول الضمني لذلك والمتمثل في
سكوته لأكثر من عشر سنوات يشكل قاطعا لتقادم المحتج به. والتمس الحكم وفق ما جاء
في مذكرته الجوابية مع الطلب المضاد، وأرفق المذكرة صورة شمسية لرسالة صادرة عن
المدعى عليه بتاريخ 14/6/2005.
وبناء على مذكرة التعقيب المدلى بها من طرف المدعي بواسطة
دفاعه بتاريخ 1/3/2007 والتي أوضح فيها أن مقتضيات الفصل 387 من قانون الالتزامات
والعقود لا علاقة له بما يسمى بالعلاقات الأسرية والتي لم تشكل قط مانعا قانونيا
أو أدبيا للمطالبة بالديون المستحقة والمشروعة، وأن المدعى عليه يحاول أن يعطي
للفصل المذكور تفسيرا خاطئا، وان دفع المدعى عليه بكونه لم يكن يعلم عنوانه إلا
بتاريخ 2005 لا أساس له من الصحة، لأنه لم يكن غائبا ولم يسبق له أن كان مجهولا بل
على العكس كان على اتصال دائم مع المدعى عليه الذي ائتمنه على ماله بدليل
المراسلات التي كانت توجه له خلال السنوات 2000 و2002 و2004 من طرف أخيه المدعى
عليه بصفته مسير شركة فينابار، وأن ما يدعيه المدعى عليه بشأن الغيبة لا أساس له
من الصحة، وأن الإنذار الذي توصل به المدعى عليه من طرفه يرجع تاريخه إلى
20/4/2004 وهو تاريخ سابق لتاريخ ادعاء الغيبة، وأن المدعى عليه يحاول خلق
العراقيل لغرض حرمانه من حقه، والتمس الحكم باستبعاد كل دفوع المدعى عليه والحكم
فق الطلب الأصلي، وأرفق المذكرة بصور مراسلات مؤرخة على التوالي في 23/11/2000 و22/4/2002
و29/4/2004.
وبناء على مذكرة التعقيب المدلى بها من طرف المدعى عليه بواسطة دفاعه بتاريخ 22/3/2007 والتي أوضح فيها أن المدعي يتمسك بمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود. وأن هذه الفقرة تنص على أنه لا يسري التقادم بالنسبة للحقوق إلا من يوم اكتسابها وبناء على ذلك لا يكون للتقادم محل إذا وجد الدائن بالفعل في ظروف تجعل من المستحيل عليه المطالبة بحقوقه خلال الأجل المقرر للتقادم. وأن العارض أوضح على أنه كان فعلا في استحالة لمطالبة بحقوقه اتجاه السيد علي العراقي لكون السيد على العراقي هو أخ شقيق العارض ولكون السيد علي العراقي غادر المغرب في ظروف خاصة وظل مجهول العنوان، وأن المدعي للرد على هذا الدفع تمسك بمقتضيات الفصل 397 من قانون العقود والالتزامات، وأن هذا الفصل لا علاقة له بالدفع الذي تمسك به العارض، لكون الفصل 387 المتمسك به من طرف المدعي يتعلق بتحديد أمد التقادم في حين أن دفع العارض يتعلق بعدم سريان التقادم في مواجهته. وان العارض أشار بهذا الخصوص إلى موقف الفقه من المانع الناتج عن علاقة القرابة وعلى الخصوص عندما يتعلق الأمر بأخوين شقيقين. وأنه من جهة ثانية فان المدعي غادر بالفعل المغرب ولم يخبر أحدا بوجهته وأن أول إخبار قام به المدعي كان بمقتضى الرسالة المؤرخة في 14/06/2005 والتي تم الإدلاء بها. والتي فيها على لسان المدعي ما يلي: أطلب منكم أن تسجلوا عنواني الجديد وهو كالتالي... وأن طريقة تحرير الرسالة من طرف المدعي توضح بأنه يخبر لأول مرة بعنوانه الجديد وأن ذلك العنوان بدوره تبين أنه خاطئ حينما وجه للمدعي في شهر غشت 2005 رسالة إلى العنوان الذي جاء في رسالته غير أن مصالح البريد بإسبانيا أرجعت الرسالة لكون هذا العنوان خاطئ. وأن المدعي لازال لحد الساعة يخفي عنوانه الحقيقي. وأن الرسائل التي أدلى بها المدعي والتي هي عبارة عن صور مجهولة المصدر فإنها لا تعدو أن تكون رسائل اعتيادية يتم توجيهها من طرف الشركة إلى كل المساهمين. وأن هذه الرسائل توجه من قبل المكتب المشرف على حسابات الشركة إلى المساهمين في العناوين المصرح بها من طرفهم عند إنشاء الشركة. وأن خير دليل على أن المدعي لم يعد يسكن بالعناوين المصرح بها هو أن جميع تلك الرسائل كانت ترجع من طرف مصالح البريد. وأن دفوعات المدعي عديمة الأساس القانوني وقد فات المدعي أنه في الوقت الذي قام فيه العارض بإسقاط المبلغ المتوصل به من الشراء واحتفاظه به وإسقاطه من مبلغ التحويل لم يكن هذا الدين الناتج عن التحويل والمترتب عنه قد مضى عليه إلا حوالي ستة سنوات ولم يكن قد طاله التقادم المدعى به بعد. وأن المدعي وإن كان يتشبث بالتقادم فإنه لا ينفي أنه توصل بالمبلغ المحول لحسابه. كما أنه من الثابت ومن غير المنازع فيه أنه في وقت البيع كان المدعي مدينا للعارض بالمبلغ المحول لحسابه وكان من حق العارض في انتظار إجراء محاسبة أن يحتفظ بالباقي لفائدة المدعي من منتوج البيع. وبذلك تكون الدعوى موضوع الطلب الأصلي عديمة الأساس. والتمس الحكم له وفق منطوق مذكرته مع الطلب المضاد. وأرفق المذكرة بصورة شمسية لطي بريدي.
وبناءاً على عرض القضية بجلسة 22/3/2007
حضر لها دفاع الطرفين وأسندا
النظر، فاعتبرت
المحكمة القضية جاهزة وقررت حجزها للتأمل لجلسة 5/4/2007.
وبعد التأمل
طبقا للقانون
التعليل
في الشكل
حيث
إن مقالي الادعاء الأصلي والمضاد جاءا على الشكل والصفة المتطلبين قانونا وأدي عنهما
الرسوم القضائية مما يتعين معه قبولهما شكلا.
في الموضوع
في الطلب الأصلي
حيث
التمس المدعي في مقاله الحكم على المدعى عليه بأدائه له نصيبه في منتوج بيع
العقار موضوع الرسم العقاري عدد 34956/س المسمى "استوديو" الكائن بحي
كريت الدار البيضاء والمحدد في مبلغ 1130062.50 درهم، وبأدائه له تعويضا عن
التماطل والامتناع التعسفي في حدود مبلغ 50000 درهم، مع الفوائد القانونية، وبشمول
الحكم بالنفاذ المعجل، وتحميل المدعى عليه
الصائر.
وحيث
استند المدعي في مقاله على صورة شمسية مصادق عليها لرسم إراثة مضمن بعدد 9 صحيفة 1
وتاريخ 28/10/2004، صورة مصادق عليها لرسم وكالة عدلية مؤرخ في 6/10/2004، صورة
مصادق عليها لرسم شراء العقار من طرف مورث الطرفين مؤرخ في 23/12/1947، وصورة
مصادق عليها لعقد بيع العقار من طرف المدعى عليه مؤرخ في 12/6/1996، وبرسالة إنذار
غير قضائي مع محضر التبليغ.
وحيث
أوضح المدعى عليه في معرض جوابه أن الأمر يتعلق بأخوين شقيقين تربط بينهما علاقات
مالية متعددة ناتجة عن تسيير وتدبير الأموال المشتركة بينهما، وأنه لا يمكن أن
تطبق عليهما نفس القواعد التي تحكم العلاقة بين شخصين أجنبيين عن بعضهما البعض،
وأنه تصرف بمقتضى الوكالة التي سلمت له من طرف المدعي وتقيد بالتزاماته وأنجز ما
كلف به بحسن نية، وأنه نظرا لكون الأمر يتعلق ببيع عقاري فقد أدى عدة مصاريف تتمثل
على الخصوص في أتعاب الموثق ومصاريف التسجيل والتحفيظ، بالإضافة إلى مختلف الضرائب
على العقار بما فيها ضريبة الأرباح العقارية. وأنه أمام مديونية المدعي لفائدته
بتلك المصاريف فقد استعمل حق الحبس المخول له قانونا كدائن من جهة وكوكيل من جهة
ثانية، وذلك في انتظار إجراء محاسبة بين الطرفين نظرا لتعدد المعاملات المشتركة
ولوجود أنشطة مالية مشتركة أخرى بين الطرفين، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 291 وما
يليه من قانون الالتزامات والعقود الذي يجيز له ممارسة حق الحبس إلى أن يستقي مستحقاته،
وأنه استنادا إلى مقتضيات الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود فان المدعي بدوره
ليس له الحق في إقامة الدعوى الحالية ما دام أنه لم يثبت أنه أدى أو عرض أداء ما
يدين به لفائدته.
حول الدفع باستعمال حق الحبس
حيث
نص الفصل 291 من قانون الالتزامات والعقود أن حق الحبس هو حق حيازة الشيء المملوك
للمدين، وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن، ولا يمكن أن يباشر إلا
في الأحوال الخاصة التي يقررها القانون.
وحيث
نص الفصل 292 من جانبه أنه يثبت حق الحبس لصالح الحائز حسن النية: 1- من أجل
المصروفات الضرورية التي أنفقت على الشيء وفي حدودها.
لكن
وحيث أقر المدعى عليه بكونه تسلم مبلغ البيع المذكور، وأنه احتفظ بنصيب المدعي
المطالب به على أساس استعمال حقه في الحبس إلى حين استيفاء ديونه والمصروفات التي
تم إنفاقها في عملية البيع، والحال أنه لا يوجد ضمن الوثائق المدلى بها من طرف
المدعى عليه أي حجة على وجود المصروفات والنفقات المحتج بها، مما يكون معه حق
الحبس قد استعمل من طرف المدعى عليه في غير موضعه ودون مبرر مقبول، وينبغي رفضه.
حول الدفع بمخالفة الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود (الدعوى الناتجة عن الالتزام)
حيث
نص الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود أنه لا يجوز لأحد أن يباشر الدعوى
الناتجة عن الالتزام، إلا إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان ملتزما به من
جانبه حسب الاتفاق أو القانون أو العرف.
لكن
وحيث إنه برجوع المحكمة إلى رسم الوكالة العدلية عدد 2244 صحيفة 176 كناش 3 وتاريخ
6/10/2004، وهي الالتزام الصحيح الرابط بين الطرفين بخصوص بيع العقار، فإنه لم
يتضح وجود أي التزام مقابل من طرف المدعي لفائدة المدعى عليه. الأمر الذي لا يظهر
معه وجود أي مخالفة لمقتضيات الفصل 234 المشار إليه، ويبقى دفع المدعى عليه
المتعلق بذلك غير مرتكز على أساس.
وحيث
أكد الفصل 66 من ق ل ع أنه من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة أخرى مما هو مملوك
للغير، بدون سبب يبرر هذا الإثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه.
وحيث إنه بعدما أقر بتسلمه منتوج بيع العقار
ومن جملته نصيب المدعي فيه والمحدد في 1130062.50 درهم، وبعدما تحقق رفضه تسليم ذلك
المبلغ رغم تكليفه بذلك بمقتضى عقد الوكالة، فقد أصبح مثريا على حساب المدعي الذي يبقى من حقه
المطالبة باسترجاع ذلك المبلغ.
وحيث
إن مطل المدعى عليه عن أداء ما بذمته من دين وإصراره صراحة على القيام بحبس المبلغ
رغم توصله بإنذار من أجل الأداء، قد أضر بالمصالح المالية للمدعي مما يستوجب معه
إلزامه بتعويض هذا الأخير عن ذلك بحسب المبلغ المنصوص عليه في منطوق هذا الحكم
وفقا للسلطة التقديرية للمحكمة وعملا بالفصول 259 و263 و264 من قانون الالتزامات
والعقود.
وحيث نص الفصل 870 أن اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل
ومبطل للعقد الذي يتضمنه سواء جاء صريحا، أو اتخذ شكل هدية أو أي نفع آخر للمقرض
أو لأي شخص غيره يتخذ وسيطا له.
وحيث إنه لاحق للمدعي في المطالبة بالفوائد وينبغي رده لكون
اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل عملا بنص الفصل 870 من قانون الالتزامات
والعقود.
وحيث
يتعين شمول الحكم بالأداء بالنفاذ المعجل نظرا لثبوت الدين بما أدلي به من وثائق
وبمقتضى الإقرار الصريح للمدعى عليه وذلك عملا بالفصل147 من قانون المسطرة
المدنية.
في الطلب المضاد
حيث
التمس المدعى عليه في مقاله المضاد الحكم على المدعى عليه بأدائه له مبلغ 5666313
درهم الذي سلمه له بواسطة إيداع في حسابه المدعي البنكي، مع الفوائد القانونية من
تاريخ الإيداع وذلك بعد إجراء المقاصة بين الدينين حسبما هو مفصل أعلاه. والحكم بأدائه
له تعويضا عن التماطل التعسفي قدره 50.000 درهم، والحكم بشمول الحكم بالنفاذ
المعجل نظرا لثبوت الدين وتحديد مدة الإكراه البدني في الأقصى، وبإجراء خبرة حاسبية
بين الطرفين، وتحميل المدعى عليه الصائر.
وحيث
اعتمد المدعى عليه في طلبه المضاد على أصل وصل بنكي بإيداع مبلغ مالي مؤرخ في
9/10/1990، وصورة شمسية لرسالة صادرة عن المدعى عليه بتاريخ 14/6/2005، وصورة
شمسية لطي بريدي.
وحيث أكد المدعى عليه في جوابه أن وصل الإيداع المدلى به من
طرف المدعي يعود تاريخه إلى 10/10/1990 أي ما يزيد عن 16 سنة، وأنه حتى على فرض
صحة ادعاء المدعى عليه في وجود مديونية فقد سقط الحق في المطالبة به بسبب التقادم
تطبيقا للفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود ولا مجال بعد لمناقشته.
حول الدفع بعدم سريان التقادم تطبيقا للفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود ( الحالات التي لايسري فيها التقادم).
حيث دفع المدعي تعقيبا على رد المدعى عليه المتعلق بسقوط
الدعوى بسبب التقادم، بكون الفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود ينص على الحالات
التي لا يسري خلالها التقادم ومنها الحالة التي يكون فيها الدائن في ظروف ووضعية
تمنعه من المطالبة بحقوقه. وأنه يعتبر أخ شقيق للمدعى عليه وأن هذه العلاقة حالت دون
مطالبته بحقه. واستشهد في ذلك برأي الدكتور السنهوري في كتابه "الوسيط في شرح
القانون المدني" الصفحة 1081.
وحيث نص الفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود أنه فعلا لا
يسري التقادم بالنسبة للحقوق إلا من يوم اكتسابها، وبناء على ذلك لا يكون للتقادم
محل:... 5- إذا وجد الدائن بالفعل في ظروف تجعل من المستحيل عليه المطالبة
بحقوقه خلال الأجل المقرر للتقادم.
لكن
وحيث إن استحالة المطالبة بالدين المتذرع بها لا يمكنه بحال ردها لوجود علاقة
الأخوة مع المدين، إذ أن تلك العلاقة لا ترقى إلى درجة المنع من المطالبة بالحق،
والحال أن المقصود بالاستحالة المشار إليها في الفصل 380 المذكور تتعلق بالقوة
القاهرة التي تحول دون الدائن واللجوء إلى المساطر القانونية لاستخلاص الدين في
وقته.
وحيث
إن استشهاد المدعي برأي الفقه في تأكيد دفعه جاء في غير موضعه على أساس أن ما
أورده الفقيه السنهوري في كتابه الوسيط المجلد الثالث صفحة 1081 جاء لتبيان
الأسباب الأدبية القاطعة للتقادم والتي أخذ بها القانون الفرنسي وتردد في الأخذ
بها القضاء المصري، وهي على كل حال كما ورد في رأي الفقيه السنهوري مسألة واقع
يقدرها قاضي الموضوع، وهي غير واردة على الإطلاق في القانون المغربي ولم يسبق
تبنيها من لدن القضاء المغربي.
حول الدفع بغيبة المدعى عليه
وحيث
دفع المدعي من جهة ثانية بكونه تعذر عليه المطالبة بدينه في وقته بسبب مغادرة
المدعى عليه للمغرب منذ مدة وأخفى عنه وعن جميع عائلته عنوانه الذي ظل مجهولا لدى
الجميع. وأنه لم يعلم بعنوان المدعى عليه إلا سنة 2005 عندما وجه هذا الأخير رسالة
إلى رئيس شركة "فينابار" التي يملك فيها الطرفان أسهما. وأن غياب المدعى
عليه وجهل العارض بعنوانه شكل مانعا ماديا حال دون مطالبته بدينه.
وحيث
نص الفصل 380 من قانون الالتزامات والعقود في فقرته الأخيرة على أن التقادم لا
يسري ضد الغائبين إلى أن يثبت غيابهم ويعين نائب قانوني عنهم
لكن وحيث إن المحكمة برجوعها لصور الرسائل المدلى بها من
طرف المدعى عليه تبين أنها ترجع لتاريخ 23/11/2000، وهي المراسلات التي تم بعثها
من طرف المدعي وتحمل توقيعه والتي لم يطعن فيها المدعي بأي شكل مقبول.
وحيث إنه أمام تحقق علم المدعي بعنوان المدعى عليه منذ
تاريخ 23/11/2000، وأمام عدم مطالبته بالدين المستحق له منذ ذلك التاريخ يجعل دفعه
المتعلق بغيبة خصمه غير مرتكز على أساس ويستوجب رده.
حول الدفع بالتقادم
حيث
نص الفصل 371 من قانون الالتزامات والعقود أن التقادم خلال المدة التي يحددها
القانون يسقط الدعوى الناشئة عن الالتزام
وحيث
نص الفصل 387 أن كل الدعاوي الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمس عشرة سنة ما عدا
الاستثناءات التي حددها القانون.
وحيث إنه بالرجوع إلى أصل الوصل بنكي بإيداع
مبلغ مالي تبين أنه صادر بتاريخ 9/10/1990، وأن أول مطالبة ثابتة التاريخ في
مواجهة المدعى عليه بخصوص المبلغ المسلم له كانت بواسطة المقال المضاد للدعوى
الحالية بتاريخ 23/11/2006.
وحيث
إنه أمام ذلك يصبح الحق في المطالبة بالدين قد سقط بالتقادم وبمضي مدة تفوق 15 سنة
عملا بالفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود. وينبغي الحكم بالتالي برفض الطلب
المضاد.
وحيث يتعين جعل صائر الدعوى بشقيها على كاهل المدعى عليه.
لهذه
الأسباب
وعملا بالفصول1 و32 و50 و124 و147 وما بعده من قانون
المسطرة المدنية، والفصول 66 و255 و259 و263 و264، و371 و380 و387 من قانون
الالتزامات والعقود
حكمت
المحكمة وهي تبت في قضايا المدنية علنيا ابتدائيا وحضوريا في حق الطرفين
في الشكل: بقبول الطلبين الأصلي والمضاد
في الموضوع:
في الطلب الأصلي: بأداء المدعى
عليه فيصل العراقي لفائدة المدعي مبلغ مليون ومائة وثلاثين ألفا واثنين وستين درهم
وخمسين سنتيما {1130062.50 درهم}، وبأدائه له تعويضا عن التماطل في حدود مبلغ عشرين ألف
درهم {20000 درهم}، وبشمول الحكم بالنفاذ المعجل، وبرفض باقي الطلبات
في الطلب المضاد: بسقوط
الدعوى بسبب التقادم
وبجعل صائر الدعوى على كاهل
المدعى عليه.