تنفيذ الأحكام الإدارية وآفاق تطبيقها وفق التوجهات الدستورية

التوجهات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية وآفاق تطبيقها:

تنفيذ الأحكام الإدارية


ذ/ محمد صقلي حسيني

رئيس المحكمة الإدارية بالرباط

تقديم

لا يخفى أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخي من اللجوء إلى القضاء، إذ لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له، ويؤثر بالتالي على مصداقية الأحكام وعلى ثقة المواطنين في القضاء.
وتكمن أهمية موضوع تنفيذ الأحكام القضائية في كونها أسمي تعبير من كل الأطراف المعنية عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية، وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان، طبقا لما أكده عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خلال تراؤسه لافتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999 حيث أكد حفظه الله أنه : " ... من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى إلا إذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ، وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر".
وقد تطور مبدأ تنفيذ الأحكام إلى أن صار مبدأ دستوريا كرسه الفصل 126 من الدستور الجديد للمملكة(1) بتنصيصية على ما مؤداه: "يجب على الجميع احترام الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ". باعتبار أن أحكام القضاء ما هي إلا تطبيق للقانون الواجب النفاذ حيال الجميع .
وفي الواقع لا قيمة للحماية القضائية بدون تحقق تنفيذ الأحكام النهائية خاصة منها الصادرة في مواجهة الإدارة وهو ما عبر عنه " توكفيل" أحسن تعبير عندما قال : " إذا كان النظام القانوني في فرنسا مطلوبا ومؤكدا، فإن التعسف يجد ملاذه في التنفيذ"، فالإخلال بمبدأ ضرورة احترام الأحكام يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم كما قال العميد "ديجي(2).إن مرور سنة ونصف على المصادقة على الدستور الجديد، لم يحل دون رصد واقع لا يرتفع يتجلى في تسجيل مواقف سلبية في حق الإدارة المطلوب ضدها التنفيذ وتفاوتها بين امتناعها الصريح عن التنفيذ(3) إلى تراخيها في التنفيذه(4) مرورا بتنفيذها الناقص لقوة الشيء المقضي به(5). حتى أصبح عدم تنفيذ الأحكام الإدارية ظاهرة تستأهل حلولا ناجعة ومكرسة لمبدأ احترام أحكام القضاء الإداري وضرورة تنفيذها. مادام أن الحماية القضائية لا تكتمل إلا بتمام تنفيذ الأحكام، ولا قيمة لأحكام القضاء إذا لم يتم تنفيذها، لاسيما في ظل تطور القيم والمبادئ الديمقراطية في الدولة القانونية التي تعتبر الإدارة مثلها مثل الأفراد ملتزمة بتنفيذ الأحكام المكتسبة القوة الشيء المقضي به.
إن المشرع الدستوري لما وضع التوجهات الأساسية لتنفيذ الأحكام الإدارية ، ترك الباب مفتوحا من أجل إخراج المنظومة التشريعية الملائمة لهذه التوجهات بغرض تعزيز استقلال القضاء، ورفع فعاليته، وصيانة حرمة أحكامه،مما يستدعي صياغة قواعد قانونية واضحة تتميز بالسرعة والشفافية والنجاعة تكريسا للمقاربة الدستورية لمبدأ إلزامية تنفيذ الأحكام الفضائية مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية .
وفي هذا الإطار، تأتي هذه الدراسة التي تتخذ من إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية محورها الرئيسي، التطرح موقف كل من المشرع والقضاء وآفاق الإصلاح التشريعي المرتقب في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية في ظل الروح الدستورية التي تستهدف صون الحقوق والحريات وتوطيد سيادة القانون وترسيخ دولة المؤسسات .
ذلك ما نتناولة من خلال المبحثين التاليين : المبحث الأول خاص بالإطار القانوني لتنفيذ الأحكام الإدارية ودور القاضي الإداري في ضمان تنفيذ أحكامه. أما المبحث الثاني فخاص بالمقتضى الدستوري المتعلق بتنفيذ الأحكام الإدارية وآفاق الإصلاح التشريعي المرتقب في هذا المجال.

المبحث الأول : الإطار القانوني لتنفيذ الأحكام الإدارية ودور القاضي الإداري في ضمان تنفيذ أحكامه:


يلاحظ بداية أن قانون 41 / 90 المحدث للمحاكم الإدارية، لا ينص على مسطرة خاصة بتنفيذ الأحكام الإدارية،(6) مكتفيا بالإحالة على القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام المدنية كما هي منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية (المطلب الأول). كما أن القضاء الإداري ساهم بقسط وفير في الحلول التي استطاع من خلالها منح أحكامه الجدوى والفعالية ، وخاصة عند غموض النص القانوني أو انعدامه (المطلب الثاني) .

المطلب الأول: غياب مسطرة قانونية خاصة بتنفيذ الأحكام الإدارية


يستفاد من القانون 90 - 41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية، أن تنفيذ أحكام القضاء الإداري لم يحظ سوى بمادة واحدة هي المادة 49 التي تنص على أنه يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم ". مع تنصيص المادة 7 من نفس القانون على تطبيق المحاكم الإدارية لمقتضيات قانون المسطرة المدنية التي يشتمل الباب الثالث من قسمها التاسع على القواعد العامة المتعلقة بالتنفيذ الجبري للأحكام المدنية(7).
والمستخلص من هذا الأثر القانوني ،أن المحاكم الإدارية لا تتوفر على مرجعية قانونية خاصة بها بشأن تنفيذ الأحكام الصادرة عنها التي يظل إطارها القانوني القواعد العامة للتنفيذ الجبري للأحكام المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.رغم أن هذه القواعد لا تخاطب أشخاص القانون العام الذين يمارسون سلطات في مواجهة حقوق وحريات الأفراد من قبل سلطات الضبط الإداري واتخاذ القرارات الإدارية والتنفيذ المباشر والتنفيذ الجبري وامتيازات الإدارة العامة المتعاقدة في مواجهة الطرف المتعاقد معها والسلطة الرئاسية التي تمارسها على العاملين في مختلف مرافقها وأعمال السيادة .مما يطرح إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية في ظل غياب مسطرة خاصة بتنفيذ هذه الأحكام ، حتى أضحى التساؤل مشروعا حول الجدوى من تحمل مصاريف الدعوى الإدارية ومتابعة مختلف إجراءاتها في سبيل الحصول على حكم غير محظي تنفيذه بقواعد قانونية فعالة لحمل الإدارة على احترام قوة الشيء المقضي به.
وبذلك يتضح، أن قانون المسطرة المدنية المحال على قواعده بشأن تنفيذ أحكام المحاكم الإدارية لا تسعف مقتضياته في تحقيق النجاعة القضائية المطلوبة في هذا المجال ، كما هو الحال مع أحكام قضاء الإلغاء ( الفرع الأول). أو تعارضها مع نصوص قانونية من قبيل ظهير 1944/ 6 / 14 (الفرع الثاني ) .فضلا عن اصطدام تنفيذ أحكام القضاء الشامل بإكراهات برمجة بند في الميزانية خاص بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة. (الفرع الثالث).مما أرخي بظلاله سلبا على وتيرة التنفيذ، التي أكد بصددها السيد وزير العدل والحريات في كلمة له أمام لجنة التشريع بمجلس النواب يوم الأربعاء 2012/ 3 / 28 بوجود نسبة هامة من الأحكام تبقى من غير تنفيذ توازی (20%)، مع وجود صعوبات في التنفيذ ضد الإدارات العمومية، رغم أن الأهمية على حد تعبير هوريو(8) ليست في نسب الامتناع عن تنفيذ الأحكام، وإنما الوسائل القانونية المخولة إلى المحكوم لفائدته في مواجهة الإدارة الممتنعة عن التنفيذ.

الفرع الأول : عدم انسجام بعض إجراءات التنفيذ المدني مع الأحكام الصادرة في إطار قضاء الإلغاء :


تنص مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 440 من قانون المسطرة المدنية على قيام عون التنفيذ بالإجراءات المتعلقة بطرق التنفيذ في حالة رفض المدين الوفاء بالدين المحكوم به دون الأحكام التي تقضي بإلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب التجاوز في استعمال السلطة التي لا تقضي بأي حق مالي حتى يتأتی اعتماد مسطرة التنفيذ الجبري بشأنها أو توجيه أوامر إلى الإدارة من أجل إجبارها على التنفيذ، بالاعتماد على :"أنه ليس للشخص المتضرر من عدم التنفيذ ، أن يطلب من المحكمة الإدارية إصدار أمر للإدارة الممتنعة عن التنفيذ من أجل الامتثال لحكمه لما لذلك من تطاول على مبدأ فصل السلطات"(9) على غرار تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أشخاص القانون الخاص بواسطة القوة العمومية عملا بمقتضيات الفصل 433 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على صيغة تنفيذية لا تتلاءم مع الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة التي تحتكر سلطة الإجبار حتى يجوز استعمال القوة العمومية ضدها بمناسبة تنفيذ الحكم الصادر في مواجهتها بأداء تعويض بملغ مالي معين. كما أن القانون رقم 72 / 03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1/ 07 / 23 الصادر في 3 فبراير 2004 المعدل والمتمم للفصل 429 من قانون المسطرة المدنية والذي أحدث منصب القاضي المكلف بالتنفيذ من خلال تنصيصة على أنه يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة، لا يحدد المهام الموكولة إلى هذا المرجع القضائي وما إذا كانت تقتصر على الإجراءات ومراقبتها أم تتعداها إلى حد توجيه الأوامر للإدارة من أجل إرغامها على التنفيذ.
وفي جميع الأحوال، فإن تنصيص الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية المغربي على أن:" تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني... يتم ... بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم، أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون..."، يسمح بالقول بأن الأصل أن كل محكمة إدارية تختص بتنفيذ أحكامها، إما بواسطة أحد أعوان كتابة ضبطها المكلف بالتنفيذ أو بواسطة أحد المفوضين القضائيين الذي اختاره طالب التنفيذ. إلا أن الواقع العملي، أفرز أن هذه القاعدة العامة يتم تجاوزها المجرد وقوع التنفيذ خارج الدائرة القضائية للمحكمة التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه بالاعتماد على مقتضيات الفصل 439 من قانون المسطرة المدنية الذي تنص على:" أن لكتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أن تنيب عنها كتابة ضبط المحكمة التي يجب أن يقع التنفيذ في دائرتها القضائية". كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الإدارية بالرباط التي ترد عليها إنابات قضائية كثيرة من المحاكم الإدارية الأخرى، إذ تعد محكمة تنفيذ بامتياز، لأن جل الإدارات العامة المطلوب ضدها التنفيذ توجد بالعاصمة الإدارية للمملكة مع أنه بإمكان هذه المحاكم 
تنفيذ أحكامها في هذه الحالة عن طريق توجيه الملف التنفيذي مباشرة إلى المفوض القضائي الذي تم اختياره من طرف طالب التنفيذ دون توجيه أي إنابة قضائية. سيما وأن الاعتبارات التاريخية التي أملت العمل بالإنابة القضائية عند وضع قانون المسطرة المدنية عقب الإصلاح القضائي لسنة 1974 لم يعد لها وجود نتيجة للزيادة في عدد المحاكم التي أضحت دوائرها القضائية تحتضن مكاتب المفوضين القضائيين عملا بمقتضيات المادة 2 من القانون رقم 03-81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين (10).

الفرع الثاني : تعارض قواعد تنفيذ الأحكام الإدارية مع مقتضيات ظهير 1944/ 6 / 14:


ينص الفصل الأول من ظهير 14 يونيو 1944 على : "أن الأحكام والقرارات التي تكون بمقتضاها الخزينة العامة أو أحد الصناديق التابعة لإدارة عمومية ملزمة بالأداء لا يمكن تنفيذها في حالة ما إذا طلب فيها النقض إلا تحت مسؤولية الأطراف الذي حصلوا عليها بإعطائهم ضمانات حسب الشروط المقررة في هذا الظهير".
وقد دلت الممارسة الميدانية على تمسك الإدارة بطعنها بالنقض ضد سند التنفيذ وامتناعها لذلك عن تنفيذه أو تثير بشأنه صعوبات قانونية في التنفيذ بالاعتماد على هذا الطعن الاستثنائي. وقد اعتبر قاضي التنفيذ بالمحكمة الإدارية بالرباط في معرض صرفه النظر عن الصعوبة المثارة :" أن مقتضيات ظهير 1944/ 6 / 14 المحتج بخرقها ومستبعدة من التطبيق بقواعد المسطرة المدنية التي جاءت لاحقة على الظهير المذكور ومسندة بشكل صريح لمحكمة النقض إمكانية إيقاف تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة في المادة الإدارية سواء بالكفالة أو بدونها "(11) مع الإشارة إلى أن المسلك القضائي المار بسطه، لا تسير على نهجه جهة القضاء العادي التي تواتر عملها القضائي على إيقاف إجراءات التنفيذ تأسيسا على :" أن القرار الإستئنافي المراد إيقاف تنفيذه مطعون فيه بالنقض، وأن الفصل الأول من ظهير 1944/ 6 / 14 أعطى الحق للخزينة العامة أو أحد الصناديق التابعة لإدارة عمومية في أن لا تنفذ الأحكام المطعون فيها بالنقض إلا بمقتضى كفالة مالية يقدمها المستفيد من الحكم ... وأنه لا يوجد ما يفيد أن عون التنفيذ قد احترم مقتضيات ظهير 1944/ 06 / 14 . مما تكتسي معه المنازعة في التنفيذ الطابع الجدي وبالتالي يكون الطلب مؤسسا وينبغي الإستجابة إليه "(12).
أما محكمة النقض فاعتبرت :" أن أحكام ظهير 1944/ 6 /14 ألغيت صراحة بمقتضى الفصل الخامس من ظهير 1974/ 09 / 28 المتعلق بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية الذي حدد في فصله 361 الحالات التي يتعين فيها إيقاف التنفيذ بسبب الطعن بالنقض ... وهو الفصل الواجب التطبيق في النازلة ومحكمة الإستئناف حين اعتبرت أن الطعن بالنقض في القرار القاضي بالأداء يوقف التنفيذ اعتمادا على ظهير 1944 الذي تم إلغاؤه، تكون قد طبقت مقتضيات قانونية غير نافذة تم إلغاؤها، فكان قرارها خارقا للقانون ، مما يتعين معه التصريح بنقض القرار المطعون فيه "(13).
كما أنه عن طريق التفسير والقياس والاستنتاج ،تم تمكين طالب التنفيذ من التعويض المؤقت المودع الفائدته بصندوق الإيداع والتدبير، حتى مع قيام السلطة نازعة الملكية بالطعن بالنقض في سند التنفيذ المحدد للتعويض عن نقل الملكية، إذ اعتبر قاضي التنفيذ بالمحكمة الإدارية بالرباط :" أن اقتصار طلب التحويل على مبلغ التعويض المعروض دون الفرق بينه ومبلغ التعويض عن نزع الملكية المحدد بقرار استئنافي محل طعن بالنقض بموازاة مع الاستدلال بشأنه بشهادة الملكية من المحافظة العقارية المعنية، لا يحول دون دفع مبلغ التعويض المعروض عن نقل الملكية لفائدة الطرف المنزوعة ملكيته، متى تعلق محل هذا النقل بعقار محفظ، انسجاما مع الفصول من 29 إلى 35 من القانون رقم 81 / 7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت(14) التي تؤكد مقتضياتها على إمكانية دفع مبلغ التعويض المؤقت بمجرد تحقق تبليغ القرار القضائي الصادر بنزع الملكية وفي حالة الطعن بالنقض ضد هذا القرار، فإن دفع الفرق بين مبلغ التعويض موضوعه ومبلغ التعويض المؤقت، يتوقف على تقديم المنزوعة ملكيته لكفالة بنكية تحت طائلة بقائه مودعا لدى صندوق الإيداع والتدبير"(15).


الفرع الثالث : اصطدام تنفيذ أحكام القضاء الشامل بإكراهات برمجة بند في الميزانية خاص بتنفيذ هذه الأحكام .


الأمر ينسحب إلى قضايا الاعتداء المادي التي أفرزت الأحكام الصادرة بمناسبتها في مواجهة الدولة في نطاق الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود، تعذر التنفيذ بسبب عدم توفر الدولة على بند في الميزانية مخصص لتنفيذ هذه الأحكام، على غرار البند المسمى بالتحملات المشتركة الذي تقتطع منه كل المبالغ المالية في إطار التعويض عن الأضرار التي تسببها الأشياء المملوكة للدولة من خلال قيام الوكيل القضائي للمملكة بإعداد لقوائم من أجل عرضها على وزير المالية بصفته الأمر بالصرف ثم على قسم الميزانية والمحاسبة الذي يهيء الالتزام من أجل عرضه في مرحلة موالية على المراقب المالي بهدف التأشير عليه ليحول في نهاية المطاف على جهة الخزينة العامة للمملكة لتتولى أداء مبلغه للطرف المعني.

المطلب الثاني : دور القاضي الإداري في ضمان تنفيذ أحكامه.


عزز القاضي الإداري دوره في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية بناء على نظام وحدة القانون التي تقتضي تطبيق قواعد قانون المسطرة المدنية على الدعوى الإدارية من خلال مقاربة جديدة تعتمد القواعد العامة المتعلقة بالتنفيذ الجبري المسعفة في إجبار الإدارة على التنفيذ، ومنها على الخصوص الغرامة التهديدية (الفرع الأول) والحجز على أموال الإدارة الفرع الثاني).

الفرع الأول : الغرامة التهديدية


تعد الغرامة التهديدية وسيلة لإجبار المحكوم عليه للقيام بتنفيذ ما يقتضي تدخله شخصيا من القيام بعمل أو امتناع عن عمل .وفي غياب نص تشريعي يجيز صراحة فرضها في مواجهة الإدارة ، اعتبر القاضي الإداري :" أن المشرع لم يستثن الحكم بالغرامة التهديدية المرافق العمومية التابعة للدولة وأن القضاء يدخل في اختصاصه وصلاحيته اللجوء إلى الغرامة التهديدية لإجبار المحكوم عليه على تنفيذ حكم صادر ضده، وأن الأمر بالغرامة التهديدية في النازلة لا يتعارض مع المبادئ القانونية والفقهية(16) ولكن يكرس مبدأ حماية حقوق المحكوم له في مواجهة تصرفات الإدارة "(17).
كما أنه في معرض جوابه عن الدفع بكون مبدأ فصل السلط يمنع القضاء من إعطاء أوامر للإدارة أو ممارسة الإكراه عليها أو إجبارها على التنفيذ أوضح: " أن العمل القضائي لمحكمة النقض الأعلى استقر على إمكانية فرض غرامة تهديدية على الإدارة الممتنعة عن تنفيذ حكم صدر في مواجهتها وقضى عليها بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل ... استنادا إلى أن مقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على الغرامة التهديدية كوسيلة لإجبار المحكوم عليه على التنفيذ قد وردت ضمن الباب الثالث من القانون المذكور المتعلق بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري وإلى أن المادة 7 من قانون 90-41 تنص صراحة على أن المحاكم الإدارية تطبق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية وأن المحكمة الإدارية عندما قضت بتحديد غرامة تهديدية في مواجهة الإدارة بعد أن تأكد لها امتناع هذه الأخيرة عن تنفيذ الحكم الصادر في مواجهتها والحائز لقوة الشيء المقضي به وذلك اعتمادا على محضر الامتناع عن التنفيذ تكون قد بنت حكمها على أساس قانوني سليم "(18).
إن حرص القاضي الإداري في فرض احترام حكمه في مواجهة الإدارة عن طريق اللجوء إلى الغرامة التهديدية لم يحل دون تأكيده على أن الحكم القاضي بأداء مالي من الأحكام التي تتضمن التزاما بأداء عمل وأن أي امتناع عن تنفيذه يبرر تطبيق الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة المعنية ، إذ ورد في أمر عن قاضي التنفيذ بالمحكمة الإدارية بالرباط :" أن تنفيذ الحكم بأداء مبلغ مالي معين يعد التزاما قانونيا بالقيام بعمل من طرف المحكوم عليه الذي يمتنع عن اتخاذ الإجراءات الإدارية التي تستلزمها عملية صرف النفقة لفائدة المستفيد من هذا الحكم، وبالتبعية تستوعبة حالات الحكم بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة المدعي عليها لضمان التنفيذ المتسم بقصور آلياته القانونية حيال هذه الأخيرة إسوة بإجراءات التنفيذ الجبري المعتمدة في مواجهة أشخاص القانون الخاص"(19).
وفي هذا الإطار، فإن الغرامة التهديدية تصفي ابتداء إلى تعويض أكدت بشأنه الغرفة الإدارية بمحكمة النقض على : " وجوب ربطه بالمدة التي استغرقها الامتناع "(20)، ولا يلزم في طلب تحديد الغرامة التهديدية ثبوت امتناع الإدارة المنفذ عليها طالما أن المحكمة المختصة عند تصفيتها للغرامة التهديدية سوف تتأكد من وجود الامتناع ويمكنها حينئذ تحديد مبلغ الغرامة النهائية حسب ظروف الامتناع وملابساته، كما جاء في قرار آخر لها :" بأن الغرامة التهديدية عند تصفيتها تتحول إلى مجرد تعويض عن الضرر الحاصل فعلا وبالتالي لايمكن منح تعویض للمحكوم له الدائن أحدهما عن الغرامة التهديدية في شكل تصفية، والثاني في شكل تعویض عن الضرر المادي الحاصل من جراء عدم التنفيذ (21).
خلافا لمجلس الدولة الفرنسي الذي لم يدمج الغرامة في التعويض واعتبر: "أنه في حالة الحكم بغرامة تهديدية ضد الدولة، تقوم المحكمة بمنح مجموع المبلغ المحكوم به للطرف المعني "، لاعتبارات تتوخی بالأساس الضغط على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ من خلال الحكم في مواجهتها بتعويض يراعي درجة تعنتها في تنفيذ قوة الشيء المقضي به. كما أضحت معالمه تبرز في الاجتهاد القضائي للغرفة الإدارية بمحكمة النقض التي اعتبرت :" أن القضاء درج على اعتبار الغرامة التهديدية أداة لإجبار المدين أو المحكوم عليه على تنفيذ التزامه، وأنها في الأخير وسيلة غير مباشرة للتنفيذ الجبري وتهديد مالي تحكمي لا يقاس بالضرر، وأن مقدارها يمكن أن يزيد كلما طالت مدة التأخير في التنفيذ، وفي نازلة الحال فإنه مادام مقدار هذه الغرامة التهديدية ومدتها قد تم تحديدهما بواسطة حكم نهائي كما هو ثابت من وثائق الملف، وأن امتناع الإدارة عن التنفيذ ثابت هو الآخر من خلال المحاضر المنجزة من طرف ثلاثة مفوضين قضائيين، حسب التواريخ2007 / 11 / 14 و 2007/ 11 / 23 و 2008/ 2 / 13 ، فإن القرار المطلوب نقضه، لما اعتبر خلافا لما ذكر الغرامة التهديدية مجرد تعويض من جهة، وأنها لا تصفي بما تجمد منها من تاريخ الامتناع دون الأخذ في اعتبار ما أشير إليه أعلاه، يكون قد جاء خارقا للقانون ومعللا تعليلا فاسدا ينزل منزلة انعدامه ويعرضه للنقض "(22).

الفرع الثاني : الحجز على أموال الإدارة


يعد الحجز من صور التنفيذ الجبري للأحكام القضائية وبالتالي انفراده هو الآخر بمرجعية الغرامة التهديدية ممثلة في قانون المسطرة المعنية المحال عليه بمقتضى الفصل 7 من قانون 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية.
وقد أفرزت مختلف التطبيقات القضائية الإدارية، حرص القاضي الإداري على اعتماد وسيلة الحجز وفقا الشروط معينة من أجل إجبار الإدارة التي لا يخشى إعسارها على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها.
وقد اعتبرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض : " أن المال المحجوز مرصود أصلا لتسديد التعويضات المحكوم بها في مثل نازلة الحال وأن مسطرة الحجز لدى الغير تعد وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري التي يمكن لكل دائن يتوفر على دين ثابت أو سند تنفيذي كما في نازلة الحال، استعمالها طبق للشروط والمقتضيات الواردة بالفصل 488 وما يليه من قانون المسطرة المدنية ... وأن ما أثير بالوسيلة لا يعدو أن يكون مجادلة في حجيته الشيء المقضي به، فتكون هذه الوسيلة عديمة الأساس "(23).
وقد تواترت الاجتهادات القضائية الإدارية على هذا المسلك، مؤكدة على : "أنه إذا كان لا يجوز الحجز على الأموال العامة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة باعتبار أن الحجز والتنفيذ عليه من شأنه أن يعرقل ويعطل وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها، فإنه استثناء من ذلك يجوز الحجز على الأموال الخاصة لأشخاص القانون العام متى كان الحجز بحسب تقدير السلطة القضائية المقررة للحجز ليس من شأنه عرقلة سير المرفق العمومي أو تعطيل خدمات جمهور الناس به أو متى تم رصد الأموال للتنفيذ ولسداد التعويضات المعنية بالأحكام"(24) حتى مع تعلق محل هذا الحجز بمال مودع بين يدي القباضة الجماعية على أموال الجماعة المعنية بالتنفيذ مادام أن مقتضيات المادة 88 من المرسوم رقم 441-09-2 الصادر بتاريخ 3 يناير 2010 بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها تجيز إجراء الحجز بين يدي الخزنة أو القباض الجماعيين، دون غيرهم من المؤسسات تحت طائلة البطلان، خلافا للأثر القضائي الذي كان ينفي صفة الغير على القباضة المودع بين يديها مال الجماعة المحجوز عليها ولا يعتد بالتالي بمثل هذا الحجز لمجرد أن المحجوز بين يديه ليس بغير بمفهوم الفصل 488 من قانون المسطرة المدنية(25).
الحجز على أموال الإدارة


المبحث الثاني : المقتضى الدستوري الخاص بتنفيذ الأحكام الإدارية وآفاق الإصلاح التشريعي المنشود في هذا المجال.


لاغرو في تقديم الدستور لدفعة قوية وفعالة في مجال تنفيذ الأحكام القضائية وخاصة منها الصادرة عن جهة القضاء الإداري من خلاله تنصيصه على كون الأحكام النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به ملزمة للجميع لاعتبارات تتوخى بالأساس حماية حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة كفرع مستقل إلى جانب الفرعين الآخرين المندرجين ضمن السلطة القضائية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية موضوع الفصول من 107 إلى 128 من الدستور ( المطلب الأول). مما يبرر استشراف معالم الإصلاح المنشود في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية، وذلك بمراعاة التجربة الفرنسيية بلد نشأة القضاء . بمراعاة الإداري ( المطلب الثاني).

المطلب الأول : المقتضى الدستوري المؤكد على كون الأحكام النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به ملزمة للجميع.


يعتبر الدستور الجديد تتويجا للمسار الإصلاحي المتصاعد الذي عرفته منظومة العدالة بالمملكة من خلال الخطب السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله التي شكلت خارطة طريق لهذا الإصلاح سيما الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2009 الذي تضمن مقاربة شاملة ومتكاملة للإصلاح على مستوى دعم استقلال القضاء وتحديث المنظومة القانونية وتأهيل الهياكل القضائية الإدارية والبشرية وترسيخ التخليق والخطابين الملكيين الساميين ليومي 8 واكتوبر 2010 و9 مارس 2011 الذين أسسا لمفهوم للإصلاح القضائي القائم على الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية (الفرع الأول)، وتدعيم حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة (الفرع الثاني).

الفرع الأول : الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية


يعد القضاء المستقل، الركيزة الأساسية لضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان والبناء الديمقراطي وتوطيد الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية . ولا دولة قانون ما لم تكن السلطة القضائية هي وحدها المرجع التفسير القانون وتطبيقه بحياد تام وفق مقاييس ومعايير موضوعية. وفي هذا الإطار، حرص المشرع الدستوري على تعزيز المكانة الدستورية للقضاء الذي تم الارتقاء به إلى سلطة مستقلة من خلال الفصل 107 الذي نص على: " أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية وعلى أن الملك الضامن الاستقلال السلطة القضائية ". وتدعيما لهذه الاستقلالية أكد الدستور على: " أن قضاة الأحكام لا يعزلون ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون ( المادة 108 من الدستور) (26).
وتجسيدا للتأصيل الدستوري للقضاء كسلطة ،أتي الفصل 109 من الدستور ليعزل السلطة القضائية عن التأثير الخارجي من خلال تنصيصه على: " منع أي تدخل في القضايا المعروضة على القضاء أو تلقي القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات أو خضوعه لأي ضغط بل وجوب إحالة أي تهديد لاستقلال القضاء إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، بموازاة مع التنصيص على المسؤولية في إطار المفهوم الجديد للسلطة القضائية، من خلال اعتبار" كل إخلال بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بما يقتضيه من وجوب صدور الأحكام على أساس التطبيق العادل للقانون (الفصل 110 من الدستور). مع ربط حق القضاة في حرية التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية (الفصل 11) على أن يتم تحديد نظامهم الأساسي بقانون تنظيمي ( الفصل 112 من الدستور).
ولتكريس مبدأ استقلال السلطة القضائية وضمانا لفعاليتها، أحدث الدستور الجديد سلطة جديدة تسمى المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي بحسب تركيبته الجديدة يضطلع بتنظيم شؤون القضاء الداخلية من تعيين وترقية وتقاعد وتأديب مع وضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمبادرة منه لتقارير حول وضعية القضاة ومنظومة العدالة وإصدار التوصيات الملائمة بشأنها ، فضلا عن آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط ( الفصول من 113 إلى 116 من الدستور).

الفرع الثاني : حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة: الأحكام الإدارية نموذجا


من منطلق أن شخص المتقاضي يعتبر عنصرا جوهريا في معادلة الإسهام في بناء قضاء مستقل في دولة الحق والقانون، فإن الدستور الحالي، ارتقى بمجموعة من حقوق المتقاضين التي كانت في الأصل من مواضيع قانون المسطرة المدنية أو قوانين خاصة من قبيل الفصل 9 من القانون رقم 41/ 90 المحدث للمحاكم الإدارية، إلى مقتضيات دستورية لفرض مضامينها عند تنزيل القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور الجديد. تحقیقا النجاعة القضاء الإداري ونزاهة وجودة أحكامة وفعالية نظام تنفيذها.
وفي هذا السياق، يكون من الأفيد التوقف عند المقتضيات الدستورية الهادفة إلى تعزيز استقلال القضاء، ورفع نجاعته، وضمان وقاره الذي من صوره الامتثال للأحكام الصادرة عن القاضي الإداري الذي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي ( الفصل 117 من الدستور)، كما نص الدستور لأول مرة على حق التقاضي الذي أوضح أنه مضمون لكل شخص من أجل الدفاع عن حقوقه ومصالحة التي يحميها القانون (27) مع إمكانية تقدمه بأي طعن في القرارات الإدارية كانت فردية أم تنظيمية. أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة ( الفصل 118 من الدستور) واستصدار حكم داخل أجل معقول مع اقترانه بمبدأ أصيل مستمد من حق الدفاع المضمون أمام جميع المحاكم (الفصل 120 من الدستور) وتعزيزه بمجانية التقاضي في الحالات التي لا يتوفر فيها المتقاضي على موارد كافية للتقاضي ( الفصل 121 من دستور المملكة)، على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون (المادة 124 من الدستور). كما تصدر معللة وفي جلسة علنية (الفصل 125 من الدستور).
واعتبارا لكون الامتناع عن التنفيذ، أصبح ظاهرة سلبية متفشية ومؤشرة على عدم نجاعة المقتضيات الواردة في قانون المسطرة المدنية أو محدودية الحلول التي ابتكرها القضاء الإداري من أجل إرغام الإدارة على التنفيذ، فإن المشرع الدستوري استحضر الآثار السلبية لهذه الظاهرة وفق تصور دستوري يروم بالأساس تدعيم مصداقية الأحكام القضائية وتعزيز ثقة المتقاضين في المرفق القضائي ، فضلا عن تأمين الأمن الاجتماعي وترسيخ دولة الحق والقانون .
وفي هذا السياق فإن عبارة الأحكام النهائية مناط التنفيذ ينصرف مدلولها إلى كل حكم حائز لقوة الشيء المقضي به وغير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية، ولو كان قابلا للطعن فيه بطرق الطعن غير العادية أو الاستثنائية، الممثلة في إعادة النظر، وتعرض الغير الخارج عن الخصومة ، والنقض، لأن هذه الطعون لا توقف تنفيذه، باستثناء إمكانية طلب إيقاف تنفيذ قرارات محاكم الاستئناف الإدارية أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، وبطلب صریح ممن يعنيه الأمر بالتفصيل الوارد في الفقرة الأخيرة من الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية(28)، إذا كان طالب إيقاف التنفيذ سبق له أن تقدم بطلب نقض نفس القرار المطلوب إيقاف تنفيذه و(29).
ولا يستثنى من هذه القاعدة، سوى الأحكام الصادرة في المادة الانتخابية التي لا تحوز قوة الشيء المقضي به إلا إذا أصبحت نهائية لا تقبل أي طعن عاديا كان أو استثنائيا، وذلك عملا بمقتضيات المادة 75 من مدونة الانتخابات ، كما أكدت عليه الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ، بالاعتماد على :" أن المطلوب إيقاف تنفيذه ليس قرارا نهائيا، وغير قابل للتنفيذ، تطبيقا لمقتضيات النص القانوني الخاص المشار إليه أعلاه (وهو المادة 75 المذكورة)، مما تنعدم معه المصلحة في الطعن، فهو لذلك غير مقبول"(30).
كما أن تنصيص المشرع الدستوري على كون الأحكام النهائية ملزمة للجميع ، فيه تكريس جلي لمبدأ الشفافية والحق في الحصول على نسخة من هذه الأحكام التي يعد تنفيذها أسمى تعبير من كل الأطراف المعنية عن تمجيد القضاء الإداري وتكريم السلطة القضائية، وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين وتكريسا لحقوق الإنسان.

المطلب الثاني آفاق الإصلاح التشريعي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية


إن تلمس حلول قانونية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية لا يمنع من استعراض التجربة الفرنسية في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية (الفرع الأول) ثم الانتقال إلى المقاربة القانونية المقترح اعتمادها في هذا المجال المعتبر بامتياز من مقومات دولة الحق والقانون (الفرع الثاني).

الفرع الأول : النموذج الفرنسي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية:


تميز موضوع تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الإدارة في فرنسا بإحداث لجنة التقرير والدراسات تتولى حل الإشكاليات المثارة بشأن تنفيذ الأحكام وتقديم الإرشادات إلى الإدارة مع تذكيرها بالآثار المترتبة عن تنفيذ الأحكام الصادرة في إطار قضاء الإلغاء أو القضاء الشامل بالتفصيل الوارد في المرسوم رقم 63 -766 الصادر بتاريخ 30 يوليو 1963، ثم إحداث المشرع الفرنسي بواسطة قانون 3 يناير 1973 لمؤسسة الوسيط التي أضحت تملك سلطة توجيه أوامر للإدارة قصد تنفيذ الأحكام التي امتنعت عن تنفيذها مع تضمين ذلك في تقرير خاص ينشر بالجريدة الرسمية. وبتاريخ 16 يوليوز 1980 صدر القانون رقم 1980/539 المعدل بالقانون رقم 2000 / 321 الصادر في 2000/ 4 / 12 بشأن تنفيذ الأحكام التي تصدر في المجال الإداري، الذي من خلال مادته الثانية ، أكد على وجوب تنفيذ الإدارة للأحكام الصادرة في مواجهتها داخل الأجل المحدد لها للتنفيذ، تحت طائلة تولي سلطة الوصاية بالنسبة للأحكام المالية الصادرة في مواجهة الجماعات المحلية تحرير أمر بالصرف، أو فرض المجلس لغرامة تهديدية لإجبارها على التنفيذ. فضلا عن مادته الخامسة التي أكدت على أنه بإمكان مجلس الدولة أن يقرر أن جزء من الغرامة يعطى للمحكوم له و يمنح الباقي لصندوق الهيئات المحلية دراء لحالات الإراء بدون سبب المستمدة من إمكانية حصول طالب التنفيذ على مبلغ بالمقارنة مع المبلغ المحكوم به لفائدته.
وتجسيدا لهذا التطور التشريعي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية، صدر بتاريخ 1995/ 2 /8 القانون رقم 1995 / 125 المتعلق بصلاحيات المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الذي تم من خلاله تدوين وجمع المسطرة الإدارية ودمج مقتضيات قانوني 1980 و 1995 في المادة 1911 في مدونة القضاء الإداري الصادرة سنة 2001 والتي تنص فقرتها الأولى : " يمكن للقاضي الإداري أن يصدر أمرا لكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام أو شخص من أشخاص القانون الخاص مناط إليه تدبير مرفق عمومي من أجل إجباره على اتخاذ إجراءات كفيلة بتنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدارية، كما يمكنه في نفس الوقت تحديد أجل للتنفيذ"(31). إضافة إلى صدور قانوني 1993/ 1 / 29 و 1995/ 7 / 24 اللذين الذين نصا على المتابعة التأديبية للموظف المختص بتنفيذ الأحكام القضائية منى ثبتت مسؤوليته عن عدم التنفيذ مع إمكانية الحكم عليه بجزاءات مالية جسيمة . والقانون الصادر بتاريخ 2000/ 6 / 30 الذي جرى بمقتضاه توسيع وتفعيل سلطة القضاء الإداري المستعجل في توجيه أوامر إلى الإدارة الحماية الحريات الأساسية وتحسين الإجراءات التحفظية المستعجلة التي يتعين على الإدارة اتخاذها دون تأخير .
وقد ترتب عن المعالجة التشريعية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية ، استرداد القاضي الإداري لسلطاته في توجيه الأوامر للإدارة في هذا المجال من خلال تحديده للإدارة جدول التزامات مؤقتة ، توصلا منه إلى التنفيذ(32). فضلا عن تمتعه بسلط تقديرية لتحديد مسار التنفيذ . كما أكد عليه مجلس الدولة حين اعتبر: "أن للقاضي الإداري سلطة تقدير الظروف القانونية والواقعية للحالة المعروضة عليه و إصدار أوامر للإدارة من أجل اتخاذ إجراءات معينة وكفيلة بتنفيذ الحكم القضائي وإن اقتضى الحال إجراء بحث "(33).

الفرع الثاني: المقاربة القانونية المقترح اعتمادها في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية


سلفت الإشارة إلى عدم انسجام قواعد التنفيذ الجبري للأحكام المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية مع طبيعة الأحكام الإدارية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام ، فضلا عن محدودية الحلول التي اهتدى إليها القاضي الإداري لإجبار الإدارة على تنفيذ أحكامه والمتميزة هي الأخرى بمرجعية القانون الخاص وعدم اقترانها بآليات قانونية كفيلة بإجبار الإدارة على التنفيذ(34).
وفي هذا الصدد، فإن الحماية الدستورية لاستقلال القضاء وحق المواطن في استصدار حكم نهائي ملزم للجميع، لا تتأتى في حالة عدم تنفيذ هذه الحكم الذي ليس في مجال القضاء الإداري كله مسألة أهم من مسألة إرغام الإدارة على احترام أحكامه على حد تعبير الفقيه (35).Waline
وتفريعا عن ذلك، فإن أي مقاربة قانونية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية والحلول تقتضي استحضار المرتكزات الدستورية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية باعتبارها مدخلا لأي معالجة تشريعية لاحقة:
- أن التنفيذ عملية قانونية وقضائية يستقل بها القضاء الإداري ويختص بها دون غيره، ويحظر تدخل أي جهة كيفما كانت في إجراءاته. 
- أن التنفيذ يتضمن في طياته نهاية المنازعة القضائية الإدارية، وأن القاضي الإداري مدعو إلى السير بإجراءاته إلى نهايتها، تقيدا منه بقوة الشيء المقضي به. .
- خضوع الجميع إدارة ومواطنين لقوة الشيء المقضي به طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون والقضاء.
- وجوب امثتال الإدارة بقوة القانون القوة الشيء المقضي به ، تحت طائلة إخضاعها لطرق التنفيذ الجبري المتوافقة مع طبيعتها.
- التنفيذ داخل الأجل المعقول ، فإذا كانت إجراءات المحاكمة والبت تخضع للأجل المعقول طبقا لما أقره الدستور ، فبصفة أولى خضوع التنفيذ لهذه الأحكام تيسيرا على المنفذ له في الحصول على حقه بسرعة.
- عدم جواز فرض أو سلوك إجراءات إدارية أو قضائية تعيق التنفيذ أو تشل فعاليته من خلال الاستشكالات في التنفيذ غير الجدية أو الكيدية.
- عدالة التنفيذ بإجراءات منصفة وفعالة وسريعة ، ومرنة وغير مكلفة ماديا ومعنويا للخصوم.
وعلى هذا الأساس، يكون المشرع مدعوا إلى التدخل لسن قواعد قانونية واضحة المعالم تفعيلا للمقتضيات الدستورية المؤكدة على عدم المساس بوقار القضاء الإداري ودعم مصداقية أحكامه، وذلك من خلال:
- إصدار قانون خاص بالإجراءات الإدارية مستقلا عن قانون المسطرة المدنية في أفق إحداث المحكمة العليا الإدارية، وتخصيص باب مستقل بتنفيذ الأحكام الإدارية.
- تفعيل دور مؤسسة قاضي التنفيذ في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية مع اضطلاع كل محكمة إدارية بتنفيذ أحكامها، وبواسطة المفوض القضائي المختار في حالة وقوع التنفيذ خارج الدائرة القضائية للمحكمة التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه. التراجع عن طريقة الإنابات القضائية المعتمدة في تنفيذ الأحكام الإدارية , وذلك بجعل التنفيذ من اختصاص محكمة التنفيذ ، التقاء مع المبدأ المنصوص عليه في الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية الذي تؤكد مقتضياته على أن:" تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني... يتم ... بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم..." مع تعديل مقتضياته الأخرى والفصل 439 من نفس القانون الذي لا تعتبر مقتضياته الإنابة القضائية إجراء إلزاميا وإنما " إمكانية" يرجع تقديرها الكتابة ضبط المحكمة مصدرة الحكم المراد تنفيذه والتي يظل بإمكانها توجيه الملف التنفيذي مباشرة إلى المفوض القضائي الذي تم اختياره من طرف طالب التنفيذ ,دون سلوك طريق الإنابة القضائية عملا بمقتضيات المادة 15 من القانون رقم 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين. مما سيؤدي إلى اضطلاع جميع المحاكم الإدارية بمسؤولية تنفيذ أحكامها مع تفادي أي تأخير اضطراري في عملية التنفيذ التي أضحت هما يشغل اهتمام جميع الأطراف المعنية بشأن التنفيذ.
- التنصيص على المسؤولية الشخصية للموظف العمومي الممتنع عن تنفيذ الأحكام الإدارية بدون وجه حق وإن اقتضى الحال مسؤوليته التأديبية والجنائية ، وفي ذلك تخفيف الأعباء مالية إضافية عن الإدارة عندما يثبت أن سبب الامتناع عن التنفيذ موقف شخصي صرف.
- نشر القرار الإداري التأديبي أو الحكم القاضي بتطبيق جزاءات مالية ضد الممتنع عن تنفيذ حكم إداري، في جريدة وطنية أو أكثر.
- اعتبار الحكم الذي يقضي بأداء مبلغ مالي بمثابة أمر بالأداء ملزم لميزانية الإدارة المعنية مع وجوب تضمن هذه الميزانية لبند خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية(36).
تنفيذ الأحكام الإدارية في فرنسا


خاتمة:

من نافلة القول التأكيد على أن تنصيص دستور المملكة على لزوم تنفيذ الأحكام النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به من قبل الجميع، يشكل دعما حقيقيا لدور القضاء الإداري في مجال حماية الحقوق والحريات وتكريس دولة المؤسسات. مما يستلزم استحضار التوجهات الأساسية للمشرع الدستوري في هذا المجال عند وضع ميثاق إصلاح منظومة العدالة .
ولا شك أن هذه الموجهات الدستورية النابعة من تقديس القضاء واحترام أحكامه باعتبارها عنوان المشروعية وسيادة القانون تتطلب إحداث مؤسسة قضاء التنفيذ مستقلة بذاتها تختص دون غيرها بتنفيذ الأحكام وفق مسطرة مبسطة وسريعة غير خاضعة للطعن في مقرراتها من الناحية المبدئية، ويمكن فقط التظلم منها لدى نفس المؤسسة، مع تخصيص فصل مستقل لتنفيذ الأحكام الإدارية.
إن الحياد عن تحقيق غاية ضمان تنفيذ الأحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به من شأنه أن ينئی بالوظيفة القضائية إلى سبيل آخر ينزع عنها فعاليتها الحمائية لحقوق المتقاضين. فالادارة ملزمة قانونا ودستوريا بالخضوع إراديا وتلقائيا للقاعدة القانونية بمفهومها الواسع مادام تفعيل مفهوم العدالة الإدارية يستند إلى إجبارية خضوع الإدارة تلقائيا وبحسن نية لمبدأ الشرعية القانونية، ليس فقط سلبا، بالاستنكاف عن مخالفة ما قرره القضاء، بل كذلك إيجابا بالعمل على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لتنفيذ ما قرره القضاء.
وفي هذا الإطار، دأب قضاء محكمة النقض على اعتبار أن تجاهل السلطات الإدارية للأحكام النافذة المفعول والمذيلة بالصيغة التنفيذية يشكل - ماعدا في الظروف الاستثنائية. شططا في استعمال السلطة لما يترتب على ذلك من خرق للقواعد الأساسية للتنظيم القضائي والإجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام (37)، كما اعتبر على أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، من غير مسوغ قانوني ولفترة تتجاوز الأجل المعقول يؤثر سلبا على السير المنتظم لمرفق القضاء ويسهم في تعطيل استفادة المعنيين بالأمر من الحقوق المقررة لهم بواسطة هذه الأحكام، وهو ما من شأنه أن يشكل خطأ مرفقيا في حق الجهة المخاطبة بالتنفيذ (38)، علما أن الامتناع الذي ينهض سببا لإثارة مسؤولية الدولة عن عدم التنفيذ، هو الامتناع الصريح أو الذي يمكن أن يستشف من وقائع ثابتة تفيد تعنت الإدارة وإحجامها عن الخضوع لقوة الشيء المقضي به.
وتفريعا عن ذلك، فإن أي مقاربة قانونية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية والحلول تقتضي استحضار المرتكزات الدستورية لإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية باعتبارها مدخلا لأي معالجة تشريعية لاحقة :
- أن التنفيذ عملية قانونية وقضائية يستقل بها القضاء الإداري ويختص بها دون غيره ، ويحظر تدخل أي جهة كيفما كانت في إجراءاته.
- أن التنفيذ يتضمن في طياته نهاية المنازعة القضائية الإدارية ، وأن القاضي الإداري مدعو إلى السير بإجراءاته إلى نهايتها، تقيدا منه بقوة الشيء المقضي به. 
- خضوع الجميع إدارة ومواطنين لقوة الشيء المقضي به طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون والقضاء.
- وجوب امثتال الإدارة بقوة القانون القوة الشيء المقضي به ، تحت طائلة إخضاعها لطرق التنفيذ الجبري المتوافقة مع طبيعتها.
- التنفيذ داخل الأجل المعقول ، فإذا كانت إجراءات المحاكمة والبت تخضع للأجل المعقول طبقا لما أقره الدستور، فبصفة أولى خضوع التنفيذ لهذه الأحكام تيسيرا على المنفذ له في الحصول على حقه بسرعة.
- عدم جواز فرض أو سلوك إجراءات إدارية أو قضائية تعيق التنفيذ أو تشل فعاليته من خلال الاستشكالات في التنفيذ غير الجدية أو الكيدية.
- عدالة التنفيذ بإجراءات منصفة وفعالة وسريعة ، ومرنة وغير مكلفة ماديا ومعنويا للخصوم.
وعلى هذا الأساس، يكون المشرع مدعوا إلى التدخل لسن قواعد قانونية واضحة المعالم تفعيلا للمقتضيات الدستورية المؤكدة على عدم المساس بحجية أحكام القضاء الإداري ، ودعم مصداقية أحكامه ، وذلك من خلال:
- إصدار قانون خاص بالإجراءات الإدارية مستقلا عن قانون المسطرة المدنية في أفق إحداث المحكمة العليا الإدارية ، وتخصيص باب مستقل بتنفيذ الأحكام الإدارية.
- تفعيل دور مؤسسة قاضي التنفيذ في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية مع اضطلاع كل محكمة إدارية بتنفيذ أحكامها ، وبواسطة المفوض القضائي المختار في حالة وقوع التنفيذ خارج الدائرة القضائية للمحكمة التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه.
- نشر القرار الإداري التأديبي أو الحكم القاضي بتطبيق جزاءات مالية ضد الممتنع عن تنفيذ حكم إداري ، في جريدة وطنية أو أكثر .
- اعتبار الحكم الذي يقضي بأداء مبلغ مالي بمثابة أمر بالأداء ملزم لميزانية الإدارة المعنية مع وجوب تضمن هذه الميزانية لبند خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية وعلى هذا الأساس، يتعين وضع مقتضيات قانونية خاصة بتنفيذ الأحكام والقرارات النهائية الصادرة في المادة الإدارية، من خلال اقتراح تبني آلية قانونية لضمان تنفيذ الأحكام وفق مايلي :
- الحالة التي يكتسب فيها الحكم القاضي بأداء مبالغ مالية قوة الشيء المقضي به، يتم إصدار أمر بالدفع داخل أجل محدد قانونا.
- إذا كانت الاعتمادات غير كافية، يتم إصدار أمر بالدفع في حدود المبالغ المتوفرة على أن يتم إصدار أمر بدفع تكميلي في أجل أقصاه السنة المالية الموالية.
- في حالة عدم إصدار أمر بالدفع وفقا للكيفية المحددة أعلاه، يتم تسديد المبالغ المحكوم بها فورا من طرف المحاسب العمومي المكلف بمجرد تقديم نسخة الحكم باعتبارها سندا تنفيذيا.
في حالة إحجام المحاسب عن التنفيذ، يمكن اللجوء إلى:
- آلية الغرامة التهديدية .
- آلية الحجز التنفيذي.
- إقرار المسؤولية الشخصية والتأديبية للممتنع عن التنفيذ (39).

الهوامش :

1- الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91. 11 .1 بتاريخ 29 يوليو المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مکرر وتاريخ 30يوليو 2012. 
2- حسني سعد عبد الواحد:" تنفيذ الأحكام الإدارية" مطابع مجلس الدفاع الوطني بالقاهرة، 1984، ص 7. 
3- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد : 1003 وتاريخ 2004/ 10 /6 . 
4- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 99 وتاريخ 2000/ 3 / 2 . 
5- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد : 295 وتاريخ 2003/ 5 / 8 ..
6- دخل القانون رقم 41 / 90 المحدث للمحاكم الإدارية ، حيز التطبيق بتاریخ 4 مارس 1994، على اعتبار أنه صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1 . 91 . 225 بتاریخ 10 شتنبر 1993 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاریخ 3 نونبر 1993. ونص القانون المذكور في الفقرة الأولى من المادة الأخيرة منه، وهي المادة 51، على أنه: " تدخل أحكام هذا القانون حيز التطبيق في اليوم الأول من الشهر الرابع الذي يلي شهر نشره في الجريدة الرسمية"
7- يبدو أن الهدف كان الحفاظ على وحدة النظام القضائي من خلال توحيد مسطرة التنفيذ، وإحداث قسم للتنفيذ بالمحاكم الإدارية على غرار ما هو معمول به في المحاكم العادية يتولي تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري.
8- د. حسني سعد عبد الواحد: " تنفيذ الأحكام الإدارية " مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة 1984، ص: 8 مرجع سابق . 
9- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض صادر بتاريخ 1997/ 05 / 22 ، وقد اعتبرت من خلاله أن امتناع الإدارة عن التنفيذ لا يخول للقاضي الإداري إصدار أمر للإدارة من أجل التنفيذ وأنه ليس على المحكوم لفائدته سوى طرق باب قضاء الإلغاء أو قضاء التعويض.
10- إلى جانب مأموري التنفيذ العاملين بكتابات ضبط مختلف محاكم المملكة، بما في ذلك المحاكم الإدارية، يمكن أن تسند مهمة التنفيذ (أو التبليغ) الأحد المفوضين القضائيين، عملا بمقتضيات المادة 15 من القانون رقم 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، الذين يعملون بهذه الصفة في إطار مهنة حرة ومستقلة عن إطار الوظيفة العمومية .
11- أمر رقم صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 2011/ 8 / 17 في الملف عدد 2011/ 1 /683 .
12- قرار صادر عن محكمة الإستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 2006/ 05 / 30 في ملف صعوبة التنفيذ عدد 06/62.
13- قرار محكمة النقض عدد 505 وتاريخ 2009/ 02 / 11 في الملف المدني عدد 2007/ 2 / 1 /495 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 71- ص 149.
14- تنص المادة 35 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت رقم 81/ 7 التي تنص على ما يلي : " إن دفع الفرق المحتمل بين مبلغ التعويض المعروض ومبلغ التعويض عن نزع الملكية أو بين هذا التعويض والتعويض المحدد بحكم استئنافي ، يتوقف في حالة استئناف أو طلب النقض ، مع مراعاة أحكام الفصلين 30 و 31، على تقديم ذوي الحقوق لكفالة بنكية ، وفي نازلة عرضت على القضاء الاستعجالي حالة عدم تقديم هذه الكفالة ، يودع الفرق ، ويبقى مودعا إلى أن تنتهي المسطرة القضائية ".
15- الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط تحت عدد 673 وتاريخ 2012/ 5 / 23 .
DR Amine Benabdellah," L'astreinte contre l'administration ".................... no double 20 - 21 Juillet -16
 décembre
17-  قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 836 وتاريخ 1999/ 07 / 01 . 
   - قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 590 وتاريخ 2005/ 11 / 09.
18- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 590 وتاريخ 2005/ 11 /09 . 
19- أمر صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط تحت عدد : 1176 وتاريخ 2012/ 12 / 19 والذي أشر على تحول عن مسلك كان يعتبر الحكم بأداء مبالغ مالية من مستثنيات الأحكام المعنية بتطبيق الغرامة التهديدية ، بعلة :" أن الحكم المتمسك بالامتناع عن تنفيذه قضي بأداء مبالغ مالية تطبق بشأنها قواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليها بالباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية إذا كان هناك مجال لتطبيقها في مواجهتها "كما يصادف في قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 692 بتاریخ 2008/ 09 /10.
20- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النفض عدد 29 وتاريخ 2001/ 1 /04 .
21- قرار محكمة النقض عدد 209 وتاريخ 1979/ 3 / 17
22- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 316 و تاریخ 2011/ 4 / 21.

23- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 397 وتاريخ 2006/ 05 /17.
24- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 556 وتاریخ 1997/ 05 / 22 
25- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 650 وتاريخ 2004/ 9 / 29 لم يعتبر من خلاله القابض المالي غيرا مودعا بين يديه.
26- د. محمد محبوبي : "الإصلاح القضائي في ضوء الدستور الجديد" ص 3.
27- ذ. خالد خالص : " حقوق الدفاع وفق التصور الدستوري الجديد".
28- ينص الفصل 361 أعلاه على ما يلي: " لا يوقف الطعن أمام المجلس الأعلى التنفيذ إلا في الأحوال الآتية: 
1- في الأحوال الشخصية ( وذلك بمفهومها الضيق الذي يقتصر على قضايا النسب والإرث فقط)؛ 
2- في الزور الفرعي؛ 
3- التحفيظ العقاري 
يمكن علاوة على ذلك للمجلس بطلب صریح من رافع الدعوى وبصفة استثنائية أن يأمر بإيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب الإلغاء ". 
29- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النفض عدد 403 وتاريخ 2011/ 5 / 12 الذي قضى بعدم قبول طلب إيقاف تنفيذ قراره المطعون فيه بإعادة النظر، استنادا إلى التعليل التالي:" لكن حيث إن الطلب الحالي يتعلق بإيقاف تنفيذ القرار الصادر عن محكمة النقض المشار إلى مراجعه في عريضة إيقاف التنفيذ، بعلة أن الإدارة الطاعنة تقدمت بطلب يرمي إلى إعادة النظر فيه، في حين أن مقتضيات الفصل 406 من قانون المسطرة المدنية ينص في فقرته الأخيرة على أنه لا يوقف الطلب - أي طلب إعادة النظر. تنفيذ الحكم، مما يجعل الطلب الحالي مخلا بالمقتضى القانوني المذكور ويعرضه لعدم القبول. 
30- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النفض عدد 375 وتاريخ 2011/ 5 / 5.
31- د. الكتاب السابع من مدونة القضاء الإداري التي دخلت حي التنفيذ في 2001/ 01 /01 
32- قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 27/07/2001 قضية Req N 232603 Ministere d’emploi
33- قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ1997 / 07 / 04 - 278 :Op . Bourezla , Rec . P
Pacteau " contentieux administrative" 1989, PUF, p : 284 -34
35- د. حسني سعد عبد الواحد : " تنفيذ الأحكام الإدارية " مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة، 984، ص: 8.
36. في النظام الفرنسي ومتی تعلق الأمر بتنفيذ أحكام تقضي بأداء مبالغ مالية في مواجهة الدولة فان طالب التنفيذ يقدم الحكم إلى comptable public competent الذي يقوم بتسديد المبلغ المحكوم به لفائدته وإذا كان صادرا في مواجهة جماعة محلية فان السلطة الوصية تحرر أمرا رسميا بصرف المبلغ المحكوم mandement d' office بعد تقييد هذا المبلغ في جدول ميزانية المصاريف د. مصطفى التراب " إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 27 ابريل - يونيو 1999 ص. 116.
37- قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد : 544 وتاريخ 2005/ 6 /29. 
38- قرار الغرفة الادارية بمحكمة النقض عدد : 38 وتاريخ 2002/ 1 / 10 .
39- كان الفقيه الفرنسي هوريو قد عبر عن وضعية تنفيذ الأحكام الإدارية قبل صدور القانون رقم 1980/ 539 المعدل بالقانون رقم 2000/321 الصادر في 2000/ 4 / 12 بشأن تنفيذ الأحكام في مواجهة أشخاص أشخاص القانون العام يقوله “ أنه في الصراع بين مجلس الدولة الذي لا يستطيع سوى أن يراقب ، وبين رجل الإدارة الذي لا يضع في اعتباره قوة الشيء المقضي به ، فإن مجلس الدولة يعتبر مهزوما مقدما ... ذلك أن الإدارة تقع في نظامنا القانوني أعلى من القاضي أيا كان نوعه ، وسيكون أكثر اتفاقا مع أحكام القانون أن يصبح القاضي الإداري أعلى من الإدارة، ولدينا الاقتناع بأن هذا التحول في الأمور سوف يحدث مستقبلا.



تعليقات
ليست هناك تعليقات




    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -